الجولان للتنمية...هل من حسيبٍ أو رقيب؟! - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


"بقعة ضوء"
الجولان للتنمية...هل من حسيبٍ أو رقيب؟!
وهيب أيوب - 07\09\2008

منذ عدة أيام وأنا أتردّد على مُجمّع العيادات الطبية في مجدل شمس التابع لجمعية "الجولان لتنمية القرى العربية" لإجراء بعض التمارين- "الفيزوترابيا". كان الجو حار جدا،ً فسألت كما الكثيرون، لماذا لا يتم تشغيل المُكيّفات؟ وفوجئت حين أجابني أحد الموظفين المسئولين في الجمعية أنه لا وجود لمكيّفات في كل مبنى الجمعية، فقط هناك تدفئة شتوية! وأبديت دهشتي الكبيرة من كيفية تجاهل هكذا أمر ضروري لبناء حديث مُكوّن من خمسة طوابق والذي كان يجب إعداده بحيث يستوفي كل الشروط المطلوبة وبالمواصفات التقنية اللازمة. كانت مُفاجأتي أكبر حين أبدى الأخ المسؤول دهشة وعجباً يفوق ما أبديته له، ووقف عاجزاً عن أي تبريرٍ أو جواب منطقي يشفي غليل السائل. أيقنت حينها أن خللاً كبيراً يكتنف إدارة الجمعية وكيفية اتخاذ القرارات فيها وأن هناك هدراً طائلاً في أموال الجمعية والتي هي بالأساس من حق الناس التي أُقيمت من أجلهم وهي ليست شركة خاصة. إن الخسائر المترتبة عن هذا الإهمال "المُكيّفات"، غير المُبرّر إطلاقاً، يُعدّ بعشرات ألوف الدولارات، فمن يتحمّل المسؤولية، وهل هناك، أساساً، من مُحاسبة؟!
تلك المسألة وأشياء أُخرى مُشابِهة جعلتني أُقدِمُ على طرح موضوع "الجولان للتنمية" وإلقاء بعض الضوء على كيفية تسيير شؤونها.
من المعروف بحسب القوانين المرعية لإدارة الجمعيات المُسجّلة غير الربحية بأن تقوم إدارة أي جمعية بتقديم تقارير وكشوفات مالية دورية تُطلع فيها الجمهور بشكل شفّاف وواضح عن كيفية تنفيذ برامجها ومشاريعها الحالية والمستقبلية مُدعّمة ذلك بالأرقام وعن مصادر التمويل وحجمها، وكيف تم صرفها وما الجدوى والفوائد المرجوة منها والناتجة عنها، وهل حقّقت أهدافها أم لا. ثم هل يتم تقييم ما تم تنفيذه من مشاريع، ومدى انعكاسها سلباً أم إيجاباً على المجتمع والناس؟ وهل هناك أدنى اهتمام بآراء الجمهور وكيفية تلقيه وتفاعله مع تلك المشاريع من خلال أي استطلاع أجرته الجمعية أو تنوي إجراءه؟
كل ذلك يُعتبر من واجب الجمعية تجاه الجمهور وهي مُلزمةٌ بتنفيذه وغير خاضع لمُجرّد رغبتها فحسب أو مزاجية رئيسها أو مديرها وهيئتها الإدارية.
إن عدم الانكشاف على الجمهور واتِّباع مبدأ الشفافية يُفقد الجمعية وعملها واحداً من أهم أركان وجودها، وهو ثقة الناس بها، الذي يجب تعزيزه دائماً، وهذا بعكس ما نراه ونلمسه إذ باتت الجمعية تفقد أصدقاءها المُقربين جداً لها والذين دعموها ووقفوا معها أيام الشدّة، عداك عن فقدها عدداً من أعضائها المؤسِسين. إنها تذهب لمزيدٍ من التقوقع وعدم المبالاة. وكأني بهم يتصرفون على مبدأ: نحن نمتلك المال والسلطة الناتجة عنه، وليشرب من لا يعجبه البحر؟! وهذا يكفي بظنّهم للضرب بعرض الحائط بالانتقادات والملاحظات الموجّهة لهم من أيٍ كان.
ويُعبّر موقع الجمعية الإلكتروني "جولان أورغ" خير تعبير عما أقول. فعلى الرغم أنه الموقع الأكثر إمكانية من حيث الصرف والتمويل في الجولان، إلى أنه من حيث المضمون وما يقدم على صفحاته هو الأكثر ركاكة وهشاشة، وهو المفروض أن يكون الوجه واللسان المعبّر عن الجمعية وتوجهاتها ومدى اتصالها وتواصلها مع الناس. ففي العديد من القضايا الاجتماعية الهامة المطروحة للنقاش بين العديد من شرائح المجتمع، ترى الجمعية والموقع وكأنهم أُذنٌ من طين والأُخرى من عجين، عاملين بالمثل "بطيخ يكسّر بعضو" و "حادت عن ظهري بسيطة" ويكتفي الموقع بمقالات من ذات اللون والوتيرة، إضافة إلى أخبار استقبلت الجمعية وفداً، وذهبت الجمعية بوفد وهكذا....ولو دخلت الموقع لأسبوع كامل للمست أنك داخلٌ على مقبرة لا أنس ولا جن فيها وتكاد لا تتجاوز مداخلات وتعليقات الضيوف عدد أصابع الكف الواحد.
أعود لأكرّر وأُشدّد على أن فقدان الثقة والتواصل بين الجمعية وأعمالها وبين الناس يفقدها أهم مكوناتها الاجتماعية والمعنوية والأخلاقية والتي كانت أهم ركائزها مُنذ انطلاقتها وتأسيسها. ويعلم الكثيرون أنني كنت أحد مؤسسيها. وما زلتُ أؤمن حتى اللحظة بعمل الجمعيات ومقدرتها على تقديم الخدمات سواء الصحية أو سواها من نشاطات ثقافية وفنية وتطويرية في كافة المجالات التي تحتاجها مجتمعاتنا في ظل ظروف الاحتلال، وكون السلطات السورية في وطننا ما زالت تُصرّ على التعامل معنا بأساليب مخابراتية دنيئة خسيسة ورخيصة لا ترقى لمستوى تعامل نظام وطني مع مواطنيه الذين صمدوا وثبتوا فوق أراضيهم المُحتلة منذ أكثر من أربعين عاماًً دون أن ينتظروا حمداً ولا شكوراً من أحد. ولم يخطر ببال النظام في بلدنا تقديم أي مساعدة تُذكر لسكان الأرض المُحتلة أو إقامة ودعم أي مشروع عام لهم، لا بل عمِلت مع بعض أصحاب النوايا الحسنة من منطقتنا؟! لإفشال مشروع مشفى بقيمة سبعة ملايين دولار. لهذا وجب علينا هنا في الجولان تطوير قرانا وتحسين ظروف سكاننا بكافة الأساليب التي تخدمنا ولا تتعارض في نفس الوقت مع انتماءنا وهويتنا والتمسّك بأرضنا، وهذا ما هو حاصلٌ حتى الآن. ومن يدّعي أو يقول غير ذلك، فليُفتّش عما أضاعه.
لن أستطيع في هذا المقال تغطية كل ما يجب قوله والتساؤل عنه. واعتبر مقالي هذا مُجرّد بادرة أولى ليطّلع الناس على كيفية التصرّف بأموالِ ومساعدات أتت في الأساس لهم لتغطية النقص في مُجمل احتياجاتهم على مُختلف الصُعد تحت ظروف الاحتلال. وليعلموا حقوقهم الواجب على إدارة الجمعية تقديمها لهم، وهي ليست مُجرّد حسنات أو عطايا من أعضاء الجمعية ورئيسها ومديرها، الذين هُم أيضاً يتقاضون أجراً على أتعابهم من أموال المساعدات الآتية للناس. مع عدم النكران والجحود لتضحياتهم وجهودهم في بداية التأسيس حيث كانت نشاطات الجمعية أعمال تطوّعية ومن تبرعات الناس. وهنا مع اختلاف الأوضاع تختلف التقييمات.
تساؤلات كثيرة يتناقلها الناس:
على أي الأسُس والمعايير يتم التوظيف في الجمعية، هل هي خاضعة لمزاج الرئيس أو مدير الجمعية دون الأخذ بالحسبان المعايير الوظيفية المُتبعة أصولاً من حيث الإعلان عنها مُسبقاً ثم الانتقاء على أساس الأكثر أهلية ومهنية وخبرة؟ أم أن عامل القرابة والشلة والمؤيدين هم الأولى؟ بصرف النظر عن المؤهلات العلمية والتقنية للموظّف؟؟
ثانياً: مُشتريات الجمعية، هل تتم فيها المناقصات المعمول بها عادة للحصول على الأفضل والأرخص دون مراعاة وتفضيل الأقارب والأصحاب و "آل البيت"؟
فحسب القانون أيضاً يجب ألاّ يتعدى توظيف الأقارب ذوي الصلة من الهيئة الإدارية الـ 8% فقط.
إن أي نهج من قِبَلِ رئيس الجمعية أو مديرها ينمُ عن تصرفات يُفهم من خلالها وكأن الجمعية ملك خاص له أو شركة مساهمة، هو منافٍ تماماً لأصول وقانون عمل الجمعيات. من هنا وجَبَ على الجمعية إطلاع جمهورها عن كيفية اتخاذ القرارات داخل الجمعية، وهل تتم المناقشات بشكلٍ حر ومستفيض حول تنفيذ المشاريع أم أن الارتجال والفردية هي السائدة؟ فالاستئثار بالقرارات والفردية في اتخاذها قد يؤدي لمزيد من الفشل في العديد من المشاريع وإهدار الأموال دون جدوى. وهنا من حق الناس التساؤل عن كيفية صرفكم للأموال العامة والتي أتت من أجل تطوير قرانا كما تقولون وكما هو المفروض.
والسؤال هنا: هل يمكن إدارة أي مشروع كمشروع "بيت الفن" مثلاً، صُرفت فيه آلاف الدولارات دون الأخذ بالحسبان الحد الأدنى من المعايير المهنية ليلقى فشلاً ذريعاً؟!
ينسحب هذا السؤال أيضاً، عن كيفية إدارة روضات الأطفال والمخيمات الصيفية وغيرها من مشاريع خُصّصت لها الأموال الكافية لتُنفّذ بمواصفات ملائمة ومتناسبة طرداً مع حجم الأموال المُنفَقَة عليها؟

إن قانون الجمعيات يُلزم الهيئة الإدارية بإطلاع الجمهور دورياً عن كيفية سير أعمال الجمعية وتنفيذ مشاريعها الحالية والمُستقبلية ونشر هذه التقارير على الملأ وبصفحات الإنترنت، مُرفَقَة بالكشوفات والتقييمات والاستنتاجات اللازمة والمُلزِمة في حين.
قد يوافق أعضاء الجمعية على ما قلت أو يرفضون فهذا شأنهم. لكني قُلتُ ما أدّعيه واعتقده أنه واجبٌ علي قوله.
لقد طرحت الموضوع الآن بشكله العمومي ودون الدخول بالتفاصيل انتظاراً للحصول على معلومات دقيقة من أصحاب الشأن في الجمعية توخياً للدقة والموضوعية، والتي قد أكتب عنها لاحقاً بشكل مُسهبٍ أكثر.
إذن، الهدف من مقالي هذا هو مُجرّد إلقاء الضوء على عملِ وَجَبت فيه أصلاً الشفافية والوضوح.
لعل ذلك يجعلنا نرتقي أكثر في عملنا وتعاملنا مع من وضعوا ثقتهم بنا فلا نخذلهم.